العمل بالذهب والعمل البرمجي
عندما كنت صغيراً وليس صغيراً جداً أي ذلك الوقت الذي يبدأ فيه التكوين الفكري لأي شخص وبالتحديد بعمر ال13 عاماً كنت وبعد انتهاء العام الدراسي عملت بمشغل “أو ورشة” لتصنيع الذهب هذه التجربة علمتني الشيء الكثير وحتى اللحظة استوحي منها الشيء الكثير
وأعتبر هذه الفترة الاساس لتكوين نظرتي للأعمال التي أعمل عليها حالياً ومازلت أجد بعملي البرمجي التشابه الكبير بينه وبين العمل على تصنيع الذهب ودائما ما أربط مراحل عملي بالكثير من المراحل التي يمر بها تصنيع الذهب.
لمحه سريعة عن تصنيع الذهب
قد لايهم الكثير هذا الأمر لكنه شيء مثير للبعض الآخر وقد يكون مجهولا للكثير لذلك ساذكر بشكل مختصر كيفيه تصنيع الذهب تبدأ بتجميع الذهب وشرائه وهذا الذهب غير صالح للارتداء من ذهب مكسور او محروق او سبائك كبيره بعدها يوضع في بودقه حجريه ويوضع بفرن تصل درجة حرارته تقريباً 1064 درجه مئويه ليصهر بشكل كامل طبعا في مرحله الصهر يتم وضع النحاس ومعادن أخرى بنسب مدروسه وهو مايعطي للذهب عيار معين بعدها تاتي مرحله السحب ليصبح بصفائح رقيقه جدا وطويله يتم اقتطاعها وتشكيلها بايدي الحرفيين لاخراج الحلي باشكاله المختلفة
هذه المراحل تشبه لحد ما العمل على مشروع برمجي باختلاف الاداوات وجو العمل والامكانيات ومما يذكرني بهذه الأمور وأنا أقوم بعملي البرمجي هذه الأمور:
جمع الذهب وتجميع الأفكار:
مرحله جمع الذهب وشرائه تشبه لحد كبير تجميع الافكار الذهبيه للمشروع الجديد وشراء النواقص والتخطيط والتحليل وتجهيز الكميات بمقادير معينه ومن الأمور التي تثير الاعجاب أن بعض قطع الذهب كانت تأتي محروقة تماماً كبعض أفكار العملاء التي تصل لنا لكن ببعض الاقتراحات والتخطيط الصحيح ستظهر بأفضل صورة لاحقاً
مهما كان نوع الذهب سيتم جلبه وبعدها سيصقل ويباع بأغلى الأثمان تماماً كالأفكار فقط تكون الفكرة خارجة عن المألوف وتكون بحاجة لاعادة الصقل وهذا مايميز صاحب الفكرة ومن يخرج الفكرة للنور.
الصهر والحراره المرتفعه ومرحلة وضع الأساس البرمجي:
مرحله الصهر تعد مرحله خطيره وصعبه على من يعمل بها وأحيانا لايسمح لدخولنا لغرفة الصهر ويكون من يعمل عليها كبير العمال أو حتى المدير شخصياً لعل هذه المرحلة تشبه لحد كبير تجهيز العمل بشكله البرمجي والاستعداد لاطلاقه وهي أصعب المراحل ولايعمل بها أي شخص كان فهي مرحلة البناء والتأسيس واي خلل بهذه المرحلة سيكون خلل دائم لكل المراحل التي تليها.
أيضاً بهذه المرحلة يكون رفع درجات الحرارة مصاحباً لجودة الذهب لأنه يتخلص من الشوائب بشكل كامل أيضاً الأمر مشابه لما نعمل عليه فكلما كان وضع الأساس متعباً كان العمل نقي وأكثر جودةً عندها.
خلط النحاس وجودة العمل:
مايعطي للذهب مايسمى بعيار الذهب هو خلطه بالنحاس اثناء الصهر وهنا يتوجب الدقه والخبره المرتفعه وهي مثل اللمسه التي لاتتحمل الخطا والخطا بالعيار يتوجب اعاده الصهر أيضاً من الأمور التي تميز العمل البرمجي وتجعله عيار 24 أن يكون خالي من التقليد والنسخ والخلط بين الافكار وادخال الشوائب للعمل سيؤدي لانقاص قيمته الحقيقة فقد يتحول الذهب لشيء بخس بخلط الكثير من النحاس مثلاً.
تحويل الخام لشيء مفيد:
بهذه المرحله يعمل الحرفيون لشبك الحلقات الصغيره وتشكيلها واعدادها بشكل دقيق جداً لتكون شي مفيد وبهذه المرحلة لايكون الذهب باللون الذي نعرفه اصلاً بل يكون اسود او محروق إن صح التعبير.
هذه المرحلة دقيقة ومرحلة مهمة لانها ستعطي ماتم في المراحل السابقة شكله النهائي وقد تكون مرحلة ماقبل الاطلاق للمنتجات الرقمية شيء مشابه جداً لهذه المرحلة.
اعطاء البريق ومرحلة اطلاق المنتج:
هذه المرحلة يتم وضع الذهب فيها بمكان مليء بأحجار اللؤلؤ ويوضع مواد تنظيف معينة معه ليتم هزه لوقت طويل ونتيجةً للاحتكاك تزال كل الشوائب الأخرى وبعد الانتهاء يظهر الذهب باللون والبريق الذي نعرفه.
في عملنا البرمجي تكون مرحلة الاطلاق وتلميع المنتج مشابه جداً لهذه المرحلة ونقوم بازالة الشوائب والتركيب والتجهيز واعداد العمل بالشكل الكامل للاطلاق النهائي.
بريق الذهب والبريق البرمجي:
هذه المراحل ومراحل اخرى دائماً ماتمر بذهني وانا اعمل على عملي البرمجي الحالي وأجد أنني أعمل على شيء مشابه للذهب وكلما كانت الدقة مرتفعة كلما كانت الجودة أفضل وسيكون سعره أكبر وكلما زادت الخبرة سيكون العمل متقن أكثر هكذا هي الحياة وهكذا تكون أغلب المراحل التي نعمل عليها بأي عمل كان.
بالنهاية فكر دائماً بأن ماتعمل عليه -ومهما كان نوع العمل- فهو ذهب بحد ذاته فيجب أن تحب هذه النعمة التي بين يديك وتبدع بها وأن يكون لك الصبر والتحمل عند الصهر لأنه بالنهاية سيكون له بريق مميز وفكر بأن تبدع ولاتقلد بعملك وتطور فيه دائماً وتذكر خطأ بسيط بعملك سيذهب لمعان الذهب الذي تعمل عليه.
التعليقات 2 تعليقات
مقال جميل.. بارك الله بك
شكراً لك أخي همام وسعيد بقراءتك للمقال 🙂